017 نور العالم




“أنتم ملح الأرض، ولكن إن فسد الملح فبماذا يملح؟ لا يصلح بعد لشيء، إلا لأن يطرح خارجا ويداس من الناس .أنتم نور العالم. لا يمكن أن تخفى مدينة موضوعة على جبل. ولا يوقدون سراجا ويضعونه تحت المكيال، بل على المنارة فيضيء لجميع الذين في البيت .فليضئ نوركم هكذا قدام الناس، لكي يروا أعمالكم الحسنة، ويمجدوا أباكم الذي في السماوات” 


57أنتم نور العالم


بعد أن قال السيد المسيح لتلاميذه "أنتم ملح الأرض.. "أكمل قائلًا: "أنتم نور العالم. لا يمكن أن تخفى مدينة موضوعة على جبل. ولا يوقدون سراجًا ويضعونهتحت المكيال، بل على المنارة، فيضئ لجميع الذين في البيت. فليضئ نوركم هكذا قدام الناس لكي يروا أعمالكم الحسنة ويمجدوا أباكم الذي في السماوات" (مت5: 14-16).
العالم يحتاج إلى النور. وحينما كان السيد المسيح في حياته على الأرض قال: "ما دمت في العالم فأنا نور العالم" (يو9: 5).
ولأن السيد المسيح كان سوف يصعد إلى السماء من حيث أتى، قال لتلاميذه: "أنتم نور العالم" أي أنهم سوف يعكسون نور السيد المسيح بحياتهم المقدسة.
السيد المسيح هو النور الحقيقي كما كُتب في الإنجيل "كان النور الحقيقي الذي ينير كل إنسان آتيًا إلى العالم" (يو1: 9). أي أن الرب يسوع المسيح باعتباره الله الكلمة الظاهر في الجسد يملك شخصيًا هذا النور - إذ هو والآب بنفس الجوهر الإلهي الواحد- لذلك فهو النور الحقيقي.

النور يشير إلى سلطان الله، والظلمة تشير إلى سلطان إبليس.
مثلما كلّم السيد المسيح شاول الطرسوسى (أي بولس الرسول) عندما ظهر له في نور من السماء أفضل من لمعان الشمس قائلًا: "قم وقف على رجليك لأني لهذا ظهرت لك لأنتخبك خادمًا وشاهدًا بما رأيت وبما سأظهر لك به. منقذًا إياك من الشعب ومن الأمم الذين أنا الآن أرسلك إليهم، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في أقسام أخرى. لتفتح عيونهم كي يرجعوا من ظلمات إلى نور، ومن سلطان الشيطان إلى الله. حتى ينالوا بالإيمان بي غفران الخطايا ونصيبًا مع المقدسين" (أع26: 16-18).
النور يشير إلى ملكوت السماوات، والظلمة تشير إلى موضع الهلاك الأبدي.
مثلما قيل عن أورشليم السمائية: "والمدينة لا تحتاج إلى الشمس ولا إلى القمر ليضيئا فيها. لأن مجد الله قد أنارها والخروف سراجها" (رؤ21: 23). وقيل عن الهلاك الأبدي: "والعبد البطال اطرحوه إلى الظلمة الخارجية. هناك يكون البكاء وصرير الأسنان" (مت25: 30).
النور يشير إلى حياة القداسة، والظلمة تشير إلى حياة الخطية. مثلما قال السيد المسيح: "وهذه هي الدينونة أن النور قد جاء إلى العالم وأحب الناس الظلمة أكثر من النور لأن أعمالهم كانت شريرة. لأن كل من يعمل السيآت يبغض النور، ولا يأتي إلى النور لئلا توبخ أعماله. وأما من يفعل الحق، فيُقبل إلى النور لكي تظهر أعماله أنها بالله معمولة" (يو3: 19-21).
النور يشير إلى الفرح والرجاء، والظلمة تشير إلى الخوف والحزن واليأس وقطع الرجاء.لذلك يقول المرنم: "نور أشرق للصديقين، وفرح للمستقيمي القلوب.افرحوا أيها الصديقون بالرب" (مز96: 11، 12). فالنور والفرح متلازمان. أما عن الأشرار وطريقهم فيقول النبي: "لأن الأنبياء والكهنة تنجسوا جميعًا، بل في بيتي وجدت شرهم يقول الرب. لذلك يكون طريقهم لهم كمزالق في ظلام دامس، فيطردون ويسقطون فيها. لأني أجلب عليهم شرًا سنة عقابهم يقول الرب" (أر23: 11، 12).

لا يمكن إخفاء النور

العالم يحتاج إلى النور. وأولاد الله مطلوب منهم أن يكونوا نورًا للعالم، هذه هي رسالتهم التي طلبها منهم السيد المسيح. والنور يضئ في الظلمة، كلما زادت الحاجة إلى النور. لذلك فكلما زادت خطايا البشر في جيل من الأجيال، كلما ازدادت الحاجة إلى قديسين ينيرون في وسط هذا الجيل. كقول القديس بولس الرسول:"لكي تكونوا بلا لوم وبسطاء، أولادًا لله بلا عيب، في وسط جيل معوج وملتوٍ، تضيئون بينهم كأنوار في العالم" (فى2: 15).
إن مصباحًا واحدًا يستطيع أن يضئ حجرة بأكملها.. هكذا يستطيع قديس واحد أن ينير مدينة بأكملها، ومهما حاول القديس أن يخفى قداسته، فإنه لا يستطيع كقول المزمور عن عمل الرب أنه "يُخرج مثل النور برك" (مز37: 6).
لهذا قال السيد المسيح: "لا يمكن أن تخفى مدينة موضوعة على جبل. ولا يوقدون سراجًا ويضعونه تحت المكيال، بل على المنارة فيضئ لجميع الذين في البيت. فليضئ نوركم هكذا قدام الناس" (مت5: 14-16). إن النور إذا وضع داخل مصباح من الزجاج فإنه لا يحتجب، هكذا مهما حاول القديس إخفاء فضائله فإنها تنكشف بزيادة إذ يشتد نور المسيح في حياته من خلال فضيلة الاتضاع، وتزداد شفافيته مثل الزجاج الشفاف، لسبب البساطة التي في المسيح.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

جميع الحقوق محفوظة لدى مدونة course7 | إتفاقية الإستخدام | Privacy-Policy| سياسة الخصوصية

تصميم : كورس سفن