0016 ملح الأرض

ملح الأرض ونور العالم

13   «أَنْتُمْ مِلْحُ الأَرْضِ، وَلكِنْ إِنْ فَسَدَ الْمِلْحُ فَبِمَاذَا يُمَلَّحُ؟ لاَ يَصْلُحُ بَعْدُ لِشَيْءٍ، إِلاَّ لأَنْ يُطْرَحَ خَارِجًا وَيُدَاسَ مِنَ النَّاسِ.
14   أَنْتُمْ نُورُ الْعَالَمِ. لاَ يُمْكِنُ أَنْ تُخْفَى مَدِينَةٌ مَوْضُوعَةٌ عَلَى جَبَل،
15   وَلاَ يُوقِدُونَ سِرَاجًا وَيَضَعُونَهُ تَحْتَ الْمِكْيَالِ، بَلْ عَلَى الْمَنَارَةِ فَيُضِيءُ لِجَمِيعِ الَّذِينَ فِي الْبَيْتِ.

16   فَلْيُضِــئْ نُورُكُمْ هكَذَا قُدَّامَ النَّاسِ، لِكَيْ يَرَوْا أَعْمَالَكُمُ الْحَسَنَةَ، وَيُمَجِّدُوا أَبَاكُمُ الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ.






 الارتباط بين “نور العالم” و “ملح الأرض” فنور العالم تعنى الحياة في قداسة مع ربنا و ملح الأرض أيضا تعنى حياة القداسة. فالآية “أنتم نور العالم” تعنى أنكم انتم قديسون حيث تمدنا حياة القداسة التي يدعونا لها يسوع تجعل منا نور للعالم.”كونوا قديسين كما أن أباكم الذي في السماوات قدوس”. و هذه القداسة و هذا النور مستمد من الرب.

صفات الملح:الملح يعطى الطعام مذاق وكذلك الإنسان المسيحي فهو الذي يعطى المذاق للمكان الذي يتواجد فيه و بالتالي هو الذي يعطى المذاق للعالم.
الملح يحفظ الطعام من الفساد ( كالمخلل و الفسيخ) و هكذا أيضا يكون الإنسان المسيحي قدوة لمن حوله و حافظا لهم من الفساد.
بالرغم من أن طعم الملح في حد ذاته لاذع إلا انه بدونه يكون طعم الأكل عادما و هذا ينطبق على الكانسان المسيحي فهو في حد ذاته إنسان خاطئ إلا أن عمل الرب فيه يحوله إلى إنسان صالح.
آثار الملح غير مرئية و هو سريع الذوبان و سريع الانتشار تماما كما أن آثار صلوات القديسين الذين يحيون في حياة القداسة سواء في الأديرة أو بيننا في الخفاء غير مرئية وهم سريعي الذوبان ببذل ذاتهم و بعطائهم و بتضحيتهم. و الرائحة العطرة لسيرة الإنسان المسيحي الذي يحيا في القداسة تضمن سرعة انتشاره.
الملح في حد ذاته بخس الثمن و هذا هو ما يشعر به الإنسان المسيحي تجاه جسده و هذا هو سر إتضاعه. أيضا رخص ثمن يضمن توافره لدى الفقير و الغنى على حد السواء كما أن حياة القداسة متوافرة للفقير و الغنى على حد سواء.
كل بقاع العالم بكل شعوبها تستخدم الملح كما أن السيد المسيح و حياة القداسة موجودة و مستخدمة بكل أرجاء العالم.
الملح يوضع بكميات قليلة جدا ليعطى مذاقا للطعام أما كثرته فتضر تماما كما اختار المسيح 12 تلميذا فقط و هؤلاء بالرغم من بساطتهم إلا أنهم أصبحوا نورا للعالم كله.
يجب أن يوضع الملح بواسطة شخص ماهر يعرف المقدار الصحيح من الملح المناسب لكل طبق. و هكذا أيضا يكون المسيحي بين أيدي الرب الخبيرة و هي التي توظفه كملح للعالم..
لون الملح هو اللون الأبيض و هو رمز الطهارة و النقاء.
من الناحية العلمية, يتكون الملح من صوديوم كلورين. الصوديوم مادة صلبة و الكلورين مادة غازية. و الجسد أيضا مادة صلبة و الروح يمكن تشبيهها بالمادة الغازية.
كلما تعرض الملح للشمس زادت نقاوته و كذلك الإنسان المسيحي فكلما تعرض لشمس البر ينمو و تزيد نقاوته.

“إن فسد الملح فبماذا يملح؟ لا يصلح بعد لشيء، إلا لأن يطرح خارجا ويداس من الناس”
و يوضح انه يوجد سببان يفسدان الملح:
يفسد الملح إذا تعرض للمياه أو للرطوبة و هذا يحدث عندما تحجب عنه الشمس. فالإنسان المسيحي يتعرض للفساد عندما يأخذ دربا بعيدا عن السيد المسيح.
يفسد الملح عندما يختلط بالتراب. و التراب يرمز لشوائب العالم. فحينما يختلط المسيحي بشوائب العالم يفسد ولا يكون أرضا خصبة لعمل الرب بعد بل يطرح أرضا و تدوسه الناس. و لهذا يجب أن يعيش المسيحي في العالم دون أن يعيش العالم فيه, هو يؤثر في العالم لكن لا يكون للعالم تأثير عليه.



“نور العالم”
أما عن فوائد النور فيقول أبونا لوقا إن النور له أربعة فوائد:


النور يستخدم للإرشاد كما أن الرب يستخدمنا لإرشاد العالم.
النور يعطى الفرح و البهجة.
النور يحفظ الإنسان من الخطر “لئلا تعثر بحجر رجلك”.
النور مستمد من السيد المسيح, فكما نطلق على القديسين كواكب و الكواكب أجسام مظلمة ولكنها عاكسة للضوء ضوء السيد المسيح. فسر جمال القديسين نورهم المستمد من المسيح.





56- أنتم ملح الأرض


بعد انتهاء التطوبيات قال السيد المسيح لتلاميذه: "أنتم ملح الأرض، ولكن إن فسد الملح فبماذا يملّح؟! لا يصلح بعد لشيء إلا لأن يُطرح خارجًا ويُداس من الناس" (مت5: 13).
الملح هو الذي يعطى للطعام مذاقه.. كما أنه يستخدم في حفظ الأطعمة من الفساد. وبعض أنواع الأملاح تستخدم لتسميد الأراضي الزراعية.
حينما يقول السيد المسيح: "أنتم ملح الأرض" يقصد أن المسيحي الحقيقي هو الذي يعطى لحياة البشر مذاقتها. فبالرغم من أن كميته تكون قليلة إلا أنه يملح طعامًا كثيرًا. هكذا يستطيع تلميذ الرب بقدوته الصالحة أن يؤثر في حياة الكثيرين ويجتذبهم إلى الحياة مع الله. كما أنه يمنع الفساد الروحي عن كثير من البشر، كقول الكتاب "من رد خاطئًا عن ضلال طريقه، يخلص نفسًا من الموت ويستر كثرة من الخطايا" (يع5: 20).
ولعلنا نذكر قصة سدوم وعمورة حينما قال الله لإبراهيم أنه لو وُجد في المدينة عشرة من الأبرار، لما أهلك من أجل العشرة (انظر تك18: 32).
إن مجرد وجود إنسان قديس في وسط أناس كثيرين، يمنع بلايا ومصائب كثيرة، ويمنع غضب الله من أن يحل على المكان بسبب شرور بعض الموجودين فيه.
إن وُجد مثل هذا القديس يعطى أملًا أن ينصلح شأن ذلك المكان، وأن يعود الأشرار عن خطاياهم بالتوبة لسبب سيرة هذا القديس التي تهز مشاعرهم وتوبّخ خطاياهم.
ومن خصائص الملح الذي يوضع في الطعام، أنه يذوب ويتلاشى ويختفي، ولكنه يؤثر تأثيرًا قويًا في هذا الطعام.

إن 
الذات هي أكبر معطل لعمل الله في حياة الإنسان تعطّل خلاص الإنسان وتعطّل عمل الله فيه. بينما يتمجد الله كثيرًا من خلال النفس المبذولة، كما تمجد من خلال ذبيحة ابنه الوحيد على الصليب الذي تألم من أجل خلاصنا، وبعدما قام من الأموات قال لتلاميذه: "كان ينبغي أن المسيح يتألم بهذا ويدخل إلى مجده" (لو24: 26).هكذا أولاد الله في هذا العالم؛ يخفون ذواتهم ويبذلون أنفسهم من أجل مجد الله وخلاص الناس. ولكن بالرغم من إخفائهم لذواتهم إلا أن تأثيرهم يكون قويًا.. وبالرغم من بذل أنفسهم إلا أنهم لا يضيعون، بل على العكس كما قال السيد المسيح "من وجد حياته يضيعها، ومن أضاع حياته من أجلى يجدها" (مت10: 39).
الإنسان المسيحي الحقيقي عليه مسئولية كبيرة تجاه خلاص الآخرين والمحافظة عليهم من الفساد الموجود في العالم. لهذا قال السيد المسيح لتلاميذه: "أنتم ملح الأرض، ولكن إن فسد الملح فبماذا يملح؟!" (مت5: 13).

فساد الملح

المفروض أن يكون الملح هو الحافظ للطعام من الفساد.
المفروض أن يكون الخدام هم الحافظين للمخدومين من الفساد.
المفروض أن يكون الوعّاظ هم أنفسهم قدوة للآخرين في أفعالهم قبل أقوالهم.
المفروض في الكهنة أن يمارسوا حياة التوبة والقداسة، وأن يقودوا غيرهم في هذا الطريق.
المفروض في الإنسان المسيحي عمومًا أن يكون سبب بركة وخلاص وحفظ للعالم من الشرور والفساد.
فإذا فسد الملح فكيف يحفظ غيره من فساد الخطية؟
إن شجرة ردية لا تقدر أن تصنع أثمارًا طيبة كما قال السيد المسيح: "هل يجتنون من الشوك عنبًا، أو من الحسك تينًا؟!" (مت7: 16).
قبل أن نسعى لخلاص الآخرين، علينا أن نعتني بخلاص أنفسنا، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في أقسام أخرى. وقبل أن ندعو الآخرينللتوبة، علينا أن نقود أنفسنا في حياة التوبة، كقول معلمنا بولس الرسول: "أقمع جسدي وأستعبده حتى بعدما كرزت للآخرين لا أصير أنا نفسي مرفوضًا" (1كو9: 27).
يُطرح خارجًا ويُداس من الناس
"إن فسد الملح فبماذا يُملّح؟ لا يصلُح بعد لشيء إلا لأن يُطرح خارجًا ويُداس من الناس" (مت5: 13).
إنه موقف خطير، وموقف مهين أن يفسد الملح الذي كان المفترض فيه أن يحفظ غيره من الفساد.
الذي يقول للناس لا تكذبوا، أيكذب؟!
والذي يقول للناس لا تسرقوا، أيسرق؟!
والذي يقول للناس عيشوا بالقداسة، أيدنّس هو المقدسات؟!

إن من يتبع السيد المسيح فكما سلك ذاك، ينبغي أن يسلك هو أيضًا وإلا صار موضع هزء وسخرية وازدراء من الآخرين. لأنه فيما هو يدّعى أنه يخدم المسيح، فإن الاسم الحسن يجدف عليه بسببه. علينا أن نلاحظ أنفسنا باستمرار لكي نكون ملحًا جيدًا في هذه الأرض.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

جميع الحقوق محفوظة لدى مدونة course7 | إتفاقية الإستخدام | Privacy-Policy| سياسة الخصوصية

تصميم : كورس سفن