0019 الغضب

الغضب

21   «قَدْ سَمِعْتُمْ أَنَّهُ قِيلَ لِلْقُدَمَاءِ: لاَ تَقْتُلْ، وَمَنْ قَتَلَ يَكُونُ مُسْتَوْجِبَ الْحُكْمِ.
22   وَأَمَّا أَنَا فَأَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ كُلَّ مَنْ يَغْضَبُ عَلَى أَخِيهِ بَاطِلاً يَكُونُ مُسْتَوْجِبَ الْحُكْمِ، وَمَنْ قَالَ لأَخِيهِ: رَقَا، يَكُونُ مُسْتَوْجِبَ الْمَجْمَعِ، وَمَنْ قَالَ: يَا أَحْمَقُ، يَكُونُ مُسْتَوْجِبَ نَارِ جَهَنَّمَ.
23   فَإِنْ قَدَّمْتَ قُرْبَانَكَ إِلَى الْمَذْبَحِ، وَهُنَاكَ تَذَكَّرْتَ أَنَّ لأَخِيكَ شَيْئًا عَلَيْكَ،
24   فَاتْرُكْ هُنَاكَ قُرْبَانَكَ قُدَّامَ الْمَذْبَحِ، وَاذْهَبْ أَوَّلاً اصْطَلِحْ مَعَ أَخِيكَ، وَحِينَئِذٍ تَعَالَ وَقَدِّمْ قُرْبَانَكَ.
25   كُنْ مُرَاضِيًا لِخَصْمِكَ سَرِيعًا مَا دُمْتَ مَعَهُ فِي الطَّرِيقِ، لِئَلاَّ يُسَلِّمَكَ الْخَصْمُ إِلَى الْقَاضِــي، وَيُسَلِّمَكَ الْقَاضِــي إِلَى الشُّرَطِيِّ، فَتُلْقَى فِي السِّجْنِ.

26   اَلْحَقَّ أَقُولُ لَكَ: لاَ تَخْرُجُ مِنْ هُنَاكَ حَتَّى تُوفِـيَ الْفَلْسَ الأَخِيرَ!



قد سمعتم أنهُ قيل للقُدَماءِ لا تقتل. ومن قتل يكون مستوجب الحُكم. وأما أنا فأقول لكم إن كل من يغضب على أخيهِ باطلًا يكون مستوجب الحُكم. ومن قال لأخيهِ رَقا يكون مستوجب المجمع. ومن قال يا أحمق يكون مستوجب نار جهنم.



ما الفارق بين "يكون مستوجب الحكم"، "يكون مستوجب المجمع"، "يكون مستوجب نار جهنم"؟ لأن هذه العبارات صعبة للغاية، فهي تذكرنا بمراحل مختلفة تتدرج بما هو أخف إلى ما هو ثقيل حتى تبلغ إلى نار جهنم. (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت في أقسام المقالات والكتب الأخرى). فإن كان الاستحقاق للحكم أخف من الاستحقاق للمجمع، وهذا الأخير أخف من الاستحقاق لنار جهنم، فينبغي لنا أن نفهم الغضب على الأخ باطلًا أقل من القول "رقًا"، وهذا الأخير أقل من "يا أحمق"، لأن الحكم لا يكون متدرجًا ما لم يكن الخطأ متدرجًا كذلك




=======


قال السيد المسيح: "قد سمعتم أنه قيل للقدماء لا تقتل. ومن قتل يكون مستوجب الحكم. وأما أنا فأقول لكم إن كل من يغضب على أخيه باطلًا يكون مستوجب الحكم. ومن قال لأخيه رقا يكون مستوجب المجمع. ومن قال يا أحمق يكون مستوجب نار جهنم" (مت5: 21، 22).

لم يعد القتل في شريعة الكمال هو القتل المادي المحسوس فقط، بل امتد إلى القتل الأدبي والمعنوي. وكذلك القتل الجزئي. وقد شرح قداسة البابا شنودة الثالث-أطال الرب حياة قداسته- ذلك بالتفصيل حينما تكلم عن وصية لا تقتل في تفسيره للوصايا العشر. وجاء شرح قداسة البابا بصورة عميقة جدًا في مفهوم الوصايا وأبعادها كقول المرنم: "لكل تمام رأيت منتهى أما وصاياك فواسعة جدًا" (مز118: 96).

يقول الكتاب في العهد الجديد "كل من يبغض أخاه فهو قاتل نفس" (1يو3: 15).

البغضة والكراهية لا تتفق مع نقاوة القلب "والقداسة التي بدونها لن يرى أحد الرب" (عب12: 14).

والبغضة تقود إلى الغضب، أما المحبة فتقود إلى الوئام. لذلك قال السيد المسيح: "من يغضب على أخيه باطلًا يكون مستوجب الحكم".

هناك غضب مقدس لازم وضروري في مواجهة الشرور داخل الكنيسة. له وقته ولا ينبغي أن يستخدم لغير ضرورة حقيقية وبالدرجة التي تتناسب مع ذنب المخطئ. لكي يشعر بخطئه إن لم ينفع معه النصح الهادئ.

وهذا النوع من الغضب قد يكون بالتوبيخ الممتزج بالمحبة، أو بالتأديب المباشر أو غير المباشر. وله أساليبه التي تتوشح بالحكمة والوداعة والتصرف الحسن
.



العلاج من الجذور

جاء السيد المسيح ليعالج الخطية من جذورها. من الداخل. فالقتل هو النتيجة النهائية للغضب والسخط والمشاحنات والكراهية.

لذلك لا يكفى أن يمتنع الإنسان عن القتل المنظور، ولكن ينبغي أن يسلك في المحبة، ويبتعد عن القتل غير المنظور.

لا يكفى حتى أن يبتعد عن العنف الخارجي، بل ينبغي أن يبتعد عن العنف الداخلى مثل الغيظ المكتوم والحقد والرغبة في الانتقام أو التشفي.

إن الوصية الأولى والعظمى عند الله هي محبة الله من كل القلب، والوصية الثانية مثلها محبة القريب كالنفس. وقال السيد المسيح بهذا يكمل الناموس والأنبياء.

كانت وصايا اللوح الأول من لوحيّ الوصايا العشر هي وصايا محبة الله.

وكانت وصايا اللوح الثاني هي وصايا محبة القريب.

المجموعة الأولى عددها أربعة لأنها تشير إلى عرش الله يحمله الأربعة أحياء غير المتجسدين. وتشير إلى الصليب بأذرعه الأربعة باعتباره العرش.

والمجموعة الثانية عددها ستة لأنها تشير إلى كمال العمل، وإلى أن السيد المسيح قد صلب في اليوم السادس وفي الساعة السادسة ليظهر لنا كيف تكون المحبة.

وحينما نسلك في محبة الله الذي افتدانا، ونتشبه به ونحب القريب، بهذا تكمل المحبة.

فبإجماع الوصايا الأربع مع الوصايا الست يكمل العدد عشرة، أي نصل إلى الكمال العددي الذي يشير إلى كمال الوصية.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

جميع الحقوق محفوظة لدى مدونة course7 | إتفاقية الإستخدام | Privacy-Policy| سياسة الخصوصية

تصميم : كورس سفن